تجربتي مع سفينة التغيير

في هذه السطور القليلة .. اسرد تجربتي في محاولة تغيير من حولي ووضعهم في سفينتي عنوة .. وإلى أين رست بي تلك التجربة …

في بلدان كثيرة …  لطالما شدني في كل صباح ، رؤية الشمس وهي تعكس أشعتها اللامعة على أحواض الخضروات والأزهار والنباتات المعلقة على شرف ونوافذ المنازل والمطابخ ، وأهلها ينتقون منها ما يحتاجونه ، لصنع فطور أو غذاء شهي طازج نظيف صحي .

مما زاد لهفتي لرؤيتها في منازل وشرف أهل بلدي ، ليذوقوا لذة أن تأكل مما تزرع . عملت جاهدة بكل مالدي من طموح وحماس لأرى حلمي ينمو ويزدهر في منازلنا وشققنا وشرفنا وحتى أسطحنا ، لتصبح مدينتنا خضراء ليس في الأرض فقط وإنما حتى في السماء . 

كانت بداخلي رغبة جامحة لأدخل كل بيت ، بمجرفتي وشتلاتي ، وأوزع الأشجار في أركانه ، وأعود للخلف لأستمتع بجماله ، وألصق على بابه كلمة ( تم إنعاشه ) ! 

كل ذلك الحماس ينبع من إحساس عميق ومُلح لأنقل تجربتي الممتعة والتي يصعب وصفها ، في قضاء وقتي مع نباتاتي وأزهاري ومراقبة ظهور الأزهار وتحولها لثمار لذيذة . 

كان داخلي يرفرف باندفاع واستعجال ، ويتمنى أن يمد يده داخل كل بيت ليساعدهم في تذليل الصعاب لخوض هذه التجربة الخضراء  في بيوتهم . ووصول هذا الإحساس السامي لقلوبهم .

ولكنه كان حلم يستحيل تنفيذه بهذه الطريقة  .. 

فعلمت أن هناك طريقة  أخرى أكثر بساطة وسهولة و تركيز  ووعي 

  وهي أن أركز على نفسي أولا  ، وتكون هي نقطة الإنطلاق والبداية الصحيحة .. 

  سرت على هذا الدرب .. ازرع واشتل وأبذر وأقلم واشذب ، التهيت كثيرًا وزرعت حلمي مع ذاتي ، وفِي صباح ذات يوم   .. رأيت منزل جارتي قد تدلى من سقف منزلها نباتات خضراء بأزهار بوقية وردية تشبه تمامًا  ما كنت ازرع ! 

وأصبح منزلها المقابل لمنزلي هو حقًا مرآة له ! بدون أدنى جهد مني في ذلك .. 

وكأنما نباتاتي اتصلت بقوة سحرية جعلت أغصانها وأفرعها تمتد لتلف منازل الحي بكل حب وسعادة 

في نهاية هذه التجربة ، رسالة لكل من انعم الله عليه ، وتغير وذاق طعم الحياة واستلذ بها ، وزادت بصيرته وأُنيرت رؤيته , وأخذته الحماسة لتغيير من حوله ، وإيصالهم إلى ما وصل إليه من الحياة الحقه والسمو الروحي .. 

أقول له 

إن مثلك ومثل هؤلاء كمثل شجرة نمت وعلت وحلقت ورأت مالم يره من حولها ، ومن ثما التفتت للشجيرات  بقربها ضعيفات هزيلات قصيرات ، مدت يداها إليهن لتنهض بهن وتريهن ما وصلت له ، ولكنها بفرط حماسها واندفاعها واستعجالها اجتثت بعضهن من أرضهن فلا بقى لهم أصلا ولا جذرا  ؟! 

و من كن اقوياء بعض الشي  تجرحت فروعهن من قوة الشد واحتاجت وقت طويلا لترميم ما خسرته من أوراق وفروع ! 

لذلك يا صديقي دعهم وشأنهم ، واجعل رقابهم تلتوي بإرادتهم  ، ليرونك تعلو وتسمو واجعل تغييرك فيهم بأن تنهض بأرواحهم وذلك بمراقبتك والإستمتاع بوجود نموذج ناجح و سعيد مثلك 

اترك تعليقاً